الله يخلق آدم، ينظر إلى المسيح
الله يخلق آدم وهو ينظر إلى المسيح
إن استعراضنا التصاعدي للتفاسير التي قدمها الآباء للآية “فلنخلق الإنسان على صورتنا فمثالنا” (تك 1، 26) يصل الآن إلى التفسير ما قبل الأخير الذي نود أن نقدمه. هذا التفسير بدأه القديس إيرناوس حيث قال أن الله الآب يخلق الإنسان، آدم الأول، على صورة المسيح، آدم الثاني. فالتعبير لنخلق يشير إلى حوار حميمي في قلب الثالوث حيث يتم خلق الإنسان على صورة المسيح، الذي هو – بحسب لاهوت القديس بولس – صورة الله الكاملة. الإنسان، بكلمة أخرى هو صورة الله المخلوقة بحسب صورة الله الكاملة، يسوع المسيح.
ويقول لنا بولس بشأن المسيح صورة الله في رسالته إلى أهل كولوسي: “هو صورة الله الذي لا يرى وبكر كل خليقة. ففيه خلق كل شيء مما في السموات ومما في الأرض ما يرى وما لا يرى أأصحاب عرش كانوا أم سيادة أم رئاسة أم سلطان كل شيء خلق به وله. هو قبل كل شيء وبه قوام كل شيء” (كول 1، 15 – 17).
الله يخلق الإنسان ناظرًا إلى المسيح، وبالتحديد ناظرًا إلى بشرية المسيح، بحيث أن “آدم الثاني” هو مبدأ وأصل “آدم الأول”. كل مسيرة الإنسان هي أن يحقق مثال المسيح، وأن تكون فيه “المشاعر نفسها التي كانت في المسيح يسوع، الذي رغم كونه “في صورة الله لم يعد مساواته لله غنيمة، بل تجرد من ذاته متخذا صورة العبد وصار على مثال البشر وظهر في هيئة إنسان فوضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب. لذلك رفعه الله إلى العلى ووهب له الاسم الذي يفوق جميع الأسماء. كيما تجثو لاسم يسوع كل ركبة في السموات وفي الأرض وتحت الأرض ويشهد كل لسان أن يسوع المسيح هو الرب تمجيدا لله الآب” (فيل 2، 5 – 11).
الصورة والمثال هما إطاران يتحقق فيهما مصير الإنسان على إيقاع ما يسميه يسوع الوصية العظمى: “أحبب الرب إلهك بكل قلبك وكل نفسك وكل ذهنك".