نور العالم
بيتر سيوالد، صحافيّ ألمانيّ، مسيحيّ كاثوليكيّ في الأساس، تأثّر بأفكار ثورة أيّار ١٩٦٨ الطلابيّة فترك الإيمان الكاثوليكيّ واعتنق الإيديولوجيّة الماركسيّة. عمل وأدار أعرق الصحف الألمانيّة إلى أن اختار أن يصبح مراسلاً مستقلاً.
شاءت العناية الإلهيّة أن تعيد هذا الشاب الباحث عن الحقيقة إلى أحضان الكنيسة الأمّ عبر صاحب القداسة بندكتس السادس عشر، وكان حينها كاردينالاً. طلب مقابلة مطوّلة مع جوزيف راتزينجر، نتج عنها كتابه الأوّل: "ملح الأرض".
لقد كانت هذه المقابة نقطة انطلاق في مسيرة من البحث والتأمّل قادت سيوالد نحو الإيمان من جديد. وكان هذا الكتاب فاتحة لسلسلة من مقابلات مع الكاردينال راتزينجر تحوّلت كلّها إلى كتب.
وفي صيف 2010 قابل الكاتب الكاردينال وقد صار البابا بندكتس السادس عشر، فحاوره على مدى ست ساعات في مقرّ إقامة البابا الصيفيّ في كاستل غاندولفو. أنجب هذا الحوار كتابًا عنوانه "نور العالم" جاء يكمل الكتاب الأوّل "ملح الأرض".
كتاب شيّق، عميق وسهل القراءة، يعالج في جزءه الأوّل "علامات الأزمنة" مشاكل الأزمات والفضائح التي طالت العديد من أبناء الكنيسة، لا سيّما الكهنة. ويتطرّق البابا في هذا الجزء أيضًا الى ديكتاتوريّة منطق النسبيّة، وإلى أهميّة المحافظة على الخليقة عبر الوعي البيئيّ، وإلى أهميّة إعلان أولويّة الله في المجتمع.
وفي القسم الثاني "الحبريّة"، يتطرّق البابا إلى بعض من مراحل البابويّة وبعض الأحداث التي رافقتها، بدءًا من لحظة إنتخابه خليفة لبطرس. وبعض الوثائق التي أثارت جدلاً في الكنيسة كالوثيقة التي تسمح بالإحتفال بالقداس بشكله الأقدم السابق للمجمع الفاتيكاني الثاني، والتقارب الّذي حاول البابا القيام به مع جماعة بيوس العاشر الكهنوتيّة التقليديّة المنفصلة عن الكنيسة الكاثوليكيّة.
ويعالج القسم الثالث، وعنوانه "إلى أين نذهب"، رؤية البابا للعالم المعاصر ودور الكنيسة فيه. يتطرّق البابا في هذا القسم إلى إشكاليّات معاصرة كمشكلة قبول المطلّقين المتزوّجين ثانيّة مدنيًّا إلى المناولة، ووجهة نظر الكنيسة حول الأشخاص المثلييّ الجنس، وحول وسائل منع الحمل، حول الليتورجيّا وحول مسائل لاهوتيّة تتعلّق بالمجيء الأخير وبالحقائق النهيويّة، والدينونة الأخيرة.
هو كتاب شيّق وفي متناول فهم أي مؤمن مهما كان مستوى ثقافته اللاهوتيّة والرّوحيّة، وهو وسيلة متواضعة لفهم بندكتس السادس عشر، بابا لاهوتيّ أغنى بفكره كنيستنا وأنارنا بتعليمه عبر ثمانية أعوام من حبريّته.