تريزيا: عشق متصوّف مُصلِح
هي نعمة ونغمة ثلاثيّة الأبعاد:
إمرأة؛ متأمّلة ومصلحة.
هي إمرأة من أجل هويّة أنوثتها:
تحتضن الجمال والحنان...
قابلة للتكيّف، شجاعة، ومتحمّسة... إنّها الإنسانة في كلّ ما للكلمة من معنى!!
ولكنّها بالأكثر هي الإمرأة "في سبيل الله":
مِثال للصلاة والإنضباط والرحمة. عندما كتبت عن الصلاة والتأمّل في تجربتها الخاصة: بدت متواضعة، قويّة، عمليّة ورشيقة... بعض من بحر النعم الإلهيّة التي أدّت إلى اكتسابها لقب "معلّمة الكنيسة".
وهي امرأة "للآخرين":
في حياتها حكمة توازن بين حالة التأمّل والصلاة، و العمل والإنتاج. صرفت جزءًا كبيرًا من وقتها وطاقتها تسعى إلى إصلاح نفسها كما الكرمل.
على مثال سيّدها المعلّم الإلهيّ، جمعت المفارقات حتى أصبحت لغزًا حلوًا في طيّاته حياة:
فهي المتشبثة بالمبدأ والعمليّة، المتأمّلة والمصلحة النشيطة في آن.
إنّها العذراء التي أصبحت "أمّ" تلد النفوس للملكوت.
هي تريزيا الأفيليّة: القدّيسة والمعلّمة والمُصلِحة...
شقّت طريقاً جديداً للسير في دعوة الكمال المسيحي. وهذا الطريق يتجذّر في خبرة حياتها الغنيّة في حضور الله. طريق هو كناية عن حوار محبّة متواصل بين الله والنفس، فوق جفاف ويبوسات تلك الأخيرة. ففي طريق الأفيليّة لا مكان للجمود و الإستسلام، إنّما عزيمة مكتوبة بأحرف الأمانة والصلابة...
طريق شعاره "الله وحده يكفي": فالإنسان الذي يعيش مشكلة نرسيس الذي لا يحب إلّا نفسه يجد نفسه تلك أسيرة صورته. ولكل نرسيس محتجب في كلّ نفس، تقدّم تريزيا النصح: بأن يبحث عن خالقه... ففيه وحده يجد الصورة والهويّة، الحياة والحبّ... لأنّ الله وحده قادر على تحرير النفس من دوّامة الأنا القاتلة ليضعها في دوّامة حياة إلهيّة متجدّدة!!
و تريزيا الأفيليّة، الراهبة المغرمة بالله، تشكّل لنا اليوم تحدّيًا.
ففي هذه الأوقات التي تكثر فيها الفوضى تحت شعار "الثورات الُمصلِحة " والتي أدمت شرقنا وتسجنه في شتاء مظلم: تطلّ تريزيا المُصلِحة مثالأ لجميع المروّجين للتجديد ولكلّ ربيع قادم...
فالإصلاح التريزياني تمرّد على الصمت المتساهل بالخلاص وجاء كرجوع إلى الأصول لا إلى "الأصوليّة"...
فلنتشبّث بمثالها... ففي عشقها لله تؤكّد لنا الأفيليّة إنّه حتمًا لا إصلاح بمعزل عن محبّة الإنسان على ضوء محبّة الله !!!