القلب الأجمل
يُروى أنّ في ذاك اليوم وقف الشاب في وسط البلدة ليعلن أن لديه القلب الأجمل في تلك الربوع. تجمهرت الحشود لترى، و بالفعل أبدى الجميع إعجابهم بهذا القلب ذات الشكل المثالي الذي لا يشوبه أي عيب... وكان الشاب فخور بقلبه الجميل إلى أن ظهر، فجأة، بين الجموع رجل عجوز هاتفاً: "غير صحيح أنّ قلبك هو الأجمل، بنيّ!!!"
تعجّب الشاب و سأله: "من تراه يملك الأجمل إذاً؟؟"
وابْتسم العجوز مجيباً: "قلبي!!"
صُدم الجميع بمنطق العجوز، فقلبه تغطّيه الندوب، وفي بعض الأماكن كان هناك حفر عميقة حيث يبدو أنّ قطع كاملة من القلب قد فُقدت فيما إستبدلت أخرى بقطع لا تناسب القياس... منظر ذاك القلب كان مثيراً للشفقة لا للإعجاب!!!
حدّق الشاب في قلب الرجل العجوز ورأى حالته وضحك عالياً:
"لا بدّ أنّك تمزح يا جدي، تقارن قلبك بكلّ ندباته ودموعه بقلبي الخالي من أيّ منها؟؟؟"
بهدوء أجاب الرجل العجوز: "يا بنيّ، إنّ كلّ ندبة تمثل أحد الذين أعطيتهم حبي: أنتزع قطعة من قلبي، واعطيها وغالبًا ما يبادلونني قطعة من قلوبهم التي تملأ المكان الفارغ في قلبي، ولكن لأنّ القطع ليست نفسها قد تترك لدي بعض الحواف الخشنة، والتي أعتزّ بها، لأنّها تذكّرني بالحبّ الذي تشاركته مع الآخرين... وفي بعض الأحيان، كان يحدث أنْ أعطي قطع من قلبي و لكنّ الآخرين لم يبادلونني بشيء من قلبهم: هذه هي الحفر الفارغة... لابأس!! فإنّ إعطاء الحبّ هو أيضًا مغامرة!! وعلى الرغم من أنّ هذه الحفر هي مؤلمة لإنّها تبقى مفتوحة، غير أنّها تذكّرني بقلبي الحيّ وبالحبّ الذي فيه لهؤلاء الناس، ولا أخفي أنّي آمل أنّه، وفي يوم من الأيّام، قد يعود هؤلاء لتفقّد هذا الفراغ، ويملؤنه من جديد...
أترى بنيّ، الآن، ما هو الجمال الحقيقي؟؟؟"
وقف الشاب بصمت والدموع تنهمر على وجنتيه. ثم توجّه إلى الرجل العجوز، واقتطع من قلبه قطعة وقدّمها بيدين ترتجفان... قبل العجوز "قربانه"، وضعها في قلبه ثمّ أخذ قطعة من قلبه المجروح ووضعها عند الجرح في قلب الشاب. كانت القطعة شبه مناسبة، ولكن ليس تماما: فقد تركت بعض الحواف الخشنة... ولكن بدا الشاب و لأوّل مرة في حياته يشعر بقلب حيّ نابض... لم يعد قلبه مثاليّ الشكل ولكنّه حتمًا أصبح أكثر جمالاً من أيّ وقت مضى، فالحبّ هو سرّ الجمال الحقيقي!!! احتضن العجوز أمام عيون الجمع الدامعة ومشيا بعيدًا جنبًا إلى جنب...
يتوسّط قلب الربّ المجروح الكثير من صورنا وأيقوناتنا، وهو حتماً الأجمل لأنه بالحب أكمل... فهل نعي عمق الطلبة المحببّة : "يا يسوع إجعل قلبنا مثل قلبك" ؟؟؟؟