مقالات
٥‏/٩‏/٢٠١٨ Fiat Lux | أنطوانيت نمّور

ميلاد سعيد... ولأكن صدى النشيد

رغم أن الأناجيل لا تذكر لنا مكان ميلاد العذراء، إنما بحسب تقليد  قديم يعود الى حوالي العام 150 ميلادي فإن منزل العذراء الوالدي يقع  في مكان في القدس غير بعيد عن الهيكل.

حجاج الأراضي المقدسة اليوم يزورون كنيسة شيدها الصليبيون في القرن الثاني عشر على أنقاض كنيسة بيزنطية تحمل اسم العذراء، والكنيسة الجديدة تحمل إسم القديسة حنة والدة مريم وذلك بجانب آثار بركة بيت حسدا والتي لها خمسة أروقة.

 

جدران الكنيسة السميكة والمرتفعة تعطيها مظهر القلاع القديمة. وتشتهر كنيسة القديسة حنة بمزايا خاصة ترتبط بالصدى والصوت: حيث يمكن لأصوات مجموعة صغيرة من المرتلين أن تصدح كجماعة كبيرة في كاتدرائية واسعة.

بضع درجات تأخذ الزائر الى المغارة القديمة تحت الكنيسة الجديدة: هناك يُعتقد أن أم النور رأت النور.

بميلادها فرحت السماء والأرض لأن منها أتى الخلاص لجنس البشر. وقد وضعت الكنيسة الثامن من أيلول كتاريخ تحتفل فيه بولادة السيدة. لا يستند هذا العيد إلى الكتاب المقدس إنما إلى مصادر ابوكريفية (من أدب الأناجيل المنحولة) وأيضاً الى مؤلفات الأباء القديسين على مثال إيرونيموس وغيره. والتقليد الكنسي هذا حافظ على ما هو ضروري و يساعد في فهم سر الخلاص : وهو أن مريم هي من نسل داود حظيت بولادة طبيعية ولكن خاصة: إذ أن والديها أنجباها في سن متقدمة بعد عقم وأن هذه العذراء نقية ستقدم الطبيعة البشرية لكلمة الله.

كل واحد منا يستوقفه يوم مولده؛ ومَن حولنا من أهل و أحباء و أصدقاء يحتفلون بهذا اليوم لانه يذكرهم بحكمة الله وعطيته فينا حين استدعانا بنعمته من العدم إلى الوجود! ومريم هي عطية الله التي تخصنا جميعاً... يواكيم وحنة هما صورتنا القديمة المقيمة في ظلمة العقم بعد ظلمة العدم وها مريم تأتي كنجمة الصبح تبشر بقدوم النور المثمر للحياة! لذلك نفرح بولادة مريم فإنه فرح بقدوم الرب يسوع... فرح يبقى ناقص إذ لم نقتدي بها. فالإكرام هو اقتداء، وباكرامنا للعذراء نحاول أن نقتفي أثرها لنكون نحن أيضاً، على مثالها، حاملين للرب في قلوبنا كما حملته هي في الأحشاء.

اليوم، فلنجعل من ميلاد العذراء مناسبةً لتجديد الإنتماء لعائلة الله، للكنيسة: هنا لا تخلو اليوميات من الصعوبات ولكن من هنا تبدأ درب السماء والرب سيرافقنا ويسلّحنا كما فعل مع مريم بنعمتي الإيمان والرجاء. عندها نعكس نور محبته لعالم متألم من أنانية عمياء. هذا هو سر عظمة العذراء أنها لم تحتفظ لنفسها بنعمتها ولكنها جعلت من نفسها طريق لمن هو "الطريق والحق والحياة"! اليوم، مع ميلاد مريم فليكن في أذهاننا ولادة لعقلية جديدة، وحياة جديدة تردد صدى نشيدها كما تردد جدران كنيسة مولدها الصوت عالياً: "تعظّم نفسي الرب.." 

 

صور