الكتاب المقدّس | العهد الجديد
٢٢‏/١١‏/٢٠١٦ العهد الجديد | الأب بيار نجم ر.م.م

واقع إسرائيل التاريخي والسياسي

لمحة على واقع إسرائيل التاريخي والسياسي لغاية كتابة العهد الجديد

 

فلسطين تحت الحكم اليوناني والمصري

في العام 333 قبل الميلاد هزم الاسكندرُ الأكبر الملكَ الفارسي داريوس الثالث مما سهل أمامه الطريق لغزو سوريا وفلسطين ومصر. قاومت صور لمدة ستة أشهر ثم سقطت، قاومت غزّة شهرين، وعند سقوط هذين المعقلين العائقين اتجه الاسكندر الى مصر.

أمّا اليهودية فقد استسلمت دون قتال ، ولأنهم رفضوا القتال اعترف لهم الغزاة بالحقوق التي كانوا يمتلكونها أيّام الاحتلال الفارسي: أي أن يسمح لهم بالعيش بحسب عاداتهم وقوانينهم وبالمحافظة على عبادتهم ليهوه وحده.

في هذه الفترة تعلّم الكثير من اليهود اللغة اليونانية وتأثروا بثقافتهم، وهذا ما يشرح لنا سهولة فهم لغة العهد الجديد المكتوب باليونانية في أنحاء الشرق الأوسط القديم وبخاصة في حوض البحر المتوسط.

بعد موت الاسكندر حصل نزاع بين قوّاد جيشه وحدثت صراعات عنيفة. عندها قام قائد من القوّاد، واسمه بتولوميوس، وكان قائد قطاع مصر، باحتلال فلسطين ثم عاد وانتزعه منه أنتيغونوس عام 315 ق.م. فتحالف القادة كلّهم ضدّه وعاد بتولوميوس وانتزع بسلطة فلسطين وسورا الجنوبية.

في فترة حكم بتولوميوس بقي الحكم الذاتي لليهود مصاناً ، وكانت السلطة كلّها في يد عظيم الكهنة، ويعاونه في المجمع الكهنة والشيوخ، أي رؤساء العائلات المهمّة في أوراشليم.

في القرن الأول قبل الميلاد أضيف الى الكهنة والشيوخ فئة ثالثة: الكتبة، وفي العهد الجديد، يظهر السنهدرين على أنّه مكوّن في هذه الفئات الثلاثة (مر 10، 33 ، 11؛ 27 ...) وهذه الفئات  التي  يأتي العهد الجديد على ذكرها، تكوّن السلطة العليا لليهود والمجتمعة تحت قيادة عظيم الكهنة وتحتكم بشتى الأمور المتعلّقة بالشعب اليهودي، الأمور الروحيّة والزمنية، وتأخذ موافقة الحاكم اليوناني في الأمور الهامة.

 

فلسطين تحت الحكم السلوقي وحرب التحرير المكابيّة

عند نهاية القرن الثالث وبداية القرن الثاني قبل الميلاد استطاع ملك سوريا انطيوخوس الثالث انتزاع فلسطين في يد المصريين البطالمة، وصارت المنطقة تحت حكم السلوقيين.

إبّان المعركة، تحالف اليهود مع السلوقيين ضد البطالمة فعاملهم حلفائهم معاملة جيّدة حتّى إنّهم أضافوا ايضاً على إمتيازاتهم: ساعدوهم في تمويل الهيكل ودفع كل ما يلزم من أجل العبادة والخدمة واعفوا الكهنة والشيوخ من دفع الضرائب.

إنما في هذه الفترة صارت انقسامات داخلية بين اليهود حول من يصبح رئيساً للكهنة ، وفي عهد الملك أنطيوخوس الرابع تنازع أونياس واخوه يشوع (وأطلق على نفسه اسماً يونانياً هو ياسون) حول من يصبح رئيس الكهنة ، وصارت الرئاسة لياسون الذي دفع مبلغاً طائلاً من المال.

في هذه الأثناء كان نفوذ الرمان يقوى وتحالفوا مع بطالمة مصر ضد سلوقيي سوريا. وإزاء التقهقر الاقتصادي صادر انطيوخوس كنوز الهيكل ونقل آنيته والمذبح والشمعدان سباعي الأضلع ومائدة القرابين الى انطاكيا.

بعد هذا تمّ إلغاء كلّ حقوق اليهود بالحكم الذاتي، ثم تمّ الهجوم على أوراشليم فدمر السور، ومنع اليهود تحت طائلة الموت، من الاحتفال بالسبت وختانة الأطفال، وكان هناك مفتّشون من قبل الملك يراقب إتمام هذه القوانين.

وفي السنة 167 ق.م. ، ثم بناء هيكل للأصنام في اوراشليم ، مكان المذبح ، وتم تقديم دبائح من الخنازير: هذا ما أطلق عليه لقب "رجاسة الخراب" (دانيال 11،31،12،11) وفي العهد الجديد سوف يعاد التكلّم عنه في مر13 ، 14).  حادث صغير في مدينة  بالقرب من اللّد، إسمها مدين، قد بدل مسار الأمور. فحين جاء المفتشون الى هذه البلدة لاجبار سكّانها على الذبح للأصنام قام كاهن من عائلة الحشمونييّن اسمّه متتيا مع ابناءه وقتل يهودياً كان قد وافق على تقديم الذبيحة للأصنام، كما قتل المفتّش وهرب مع اولاده واختبأ في جبال صحراء اليهودية ( 1 مك 2، 15-28) وجمعوا حولهم جماعة من اليهود المستعدّين للقتال وصاروا يُغِيرون لتحطيم الهياكل الوثنية ولقتل اليهود المرتدّين.

بعد موت متتيا قام ابنه يهوذا، الملّقب بالمكابيّ (من كلمة مكّابا الأرامية وتعني مطرقة) واعلن الحرب على السلوقيين ثم اتجه نحو اوراشليم واحتلّ الهيكل وأعاد العبادة بحسب الشريعة، واعاد تكريس الهيكل وتطهيره (بداية عيد التجديد الذي تكلّم عنه يوحنا 10 ، 22)

عاد السلوقيين فهاجموا وحاصروا المكابيين في اوراشليم، إنما في هذا الوقت مات أنطيوخوس وبدأ الصراع على خلافة المُلك في سوريا فخففوا ضغوطهم على أورشليم واتفقوا مع اليهود على أن لا يتدخلوا في شؤونهم الدينية.

إنما بناء على رغبة اليهود المتأثرين بالثقافة الهلّينية، والذين كانوا يشتكون دوماً من قمع يهوذا المكابيّ لهم، عيّن الملك رئيس كهنة قريب من الثقافة اليونانية، قَبِل به قسمٌ من اليهود ، لاسيما فئة «الغيورين hassidim» لأنهم كانوا يريدون إعادة العمل بالعبادة على أساس الشريعة، إنما رفضه يهوذا المكابي لأنه كان يتطلع إلى أكثر من مجرّد حق ممارسة الشعئر الدينيّة : كان يريد الاستقلال السياسي.

لهذا السبب إندلعت من جديد الحروب بين الجيشين، مات فيها يهوذا سنة 160 ق.م. وبدأت إبادة أتباعه، وتسلّم يوناتان القيادة مكان أخيه يهوذا واستطاع التصدّي للسلوقيين رغم قلّة العدد مستفيداً من نزاعات السلوقيّين الداخلية على الحكم، ثم استطاع إجبار المحتلّين بأن يوافقوا على أن يصبح هو نفسه عظيم الكهنة بعد موت الشخص الّذي كان الملك قد عيّنه.

في العام 143 قتل يوناتان من قبل السلوقيين نفسهم وأخذ القيادة أخوه شمعون وأصبح هو أيضاً القائد العسكري والمدني للشعب اليهودي وحرّر أورشليم من كل وجود غريب وحصل من السلوقيين على الإعفاء من الضرائب للشعب اليهودي. وهكذا صارت وظائف عظيم الكهنة والحاكم المدني والقائد العسكري في يد شخص واحد وتتناقل عن طريق الوراثة، فكانت ولادة سلالة الحشمونيين.

نعمت اسرائيل بالرخاء والسلام في عهد شمعون المكابيّ ومدحه سفر المكابيين لعدله وحكمته ( 1 مك 14، 8-15).  قُتل شمعون عام 134 على يد صهره بطليموس، إنما هكذا الأخير لم يخلفه، إذ أن الشعب قرّر أن الحكم يؤول الى ابن شمعون يوحنّان هركانس.

 

حكم يوحنان هركانس

أكمل هركانس التوّسع الذي بدأه والده وعمّه، إجتاح السامرة وحطّم هيكل جريزيم ثم احتل أدوم وأجبر السّكان على التهوّد.  إنما طريقة الحشمونيّين التوسعية العنيفة لم تحظَ برضى فئات المجتمع المتديّنة، لأن ما كان يهمّ هؤلاء هو ان يحيوا بحسب الناموس، وبالنسبة اليهم كان الحشمونيّون ماخوذين بنشوة النصر العالمي.

من ضمن هذه الفئات نشأت جماعة الفريسييّن وكانوا موالين للمكابيين في البداية إنما بدّلوا رأيهم بسبب ما أتينا على ذكره، فعاداهم هركانس واستمال الصدّوقيين الذين كانوا أكثر واقعية وسياسة.

بعد موته خلفه ابنه أرسطوبولس بعد أن سجن والدته واخوته الثلاثة وعيّن أخاه أنطيغونس مساعداً له ثم عاد وقتله. أكمل العمليات الحربية وإحتّل الجليل واجبر السكان على الاختتان وكان على علاقة حسنة باليونانيين.

بعد موته خلفته زوجته فأفرجت عن إخوته وتزوجت أكبرهم يوحنان (يانّيوس)، فأكمل العمليات الحربية وإحتل عبر الأردن واجبر السكان على التّهود. إنما في هذه الحقبة بدأت سلالة الحشمونيّين تفقد الدعم الشعبي.  كان يوحنّان قاسياً، صلب 800 متمرداً وقتل نساءهم واطفالهم أمام أعينهم، قمع الفريسيين واضطهدهم وكان الشعب يكرهه.  قبل موته نصح زوجته سالومي الكسندرا باستمالة الفريسيين وحكمت هي من بعده وكانت حكيمة وعيّنت ابنها هيركانوس الثاني رئيس كهنة. لم تقم بعمليات عسكرية فأحبّها الشعب وكانت مقّربة من الفريسيون وكانوا من الداعمين لها.

بعد موتها قام ابنها الثاني ارسطوبولس الثاني ضدّ هيركانوس الوريث الشرعي وانتصر عليه إثر عملية عسكرية، وبعد انتصاره أخذ أرسطوبولس دور رئيس الكهنة والحاكم.

هنا ظهر على الساحة انتيباتر إبن حاكم أدوم وتحالف مع هركانوس وحاصرا معاً أوراشليم، إنما في هذه الاثناء هجمت روما وانتصرت على السلوقيين وصارت سوريا ولاية رومانية، وحاول كلّ من أرسطوبولس وهركانوس استمالة الرومان، والشعب ايضاً التجأ الى روما آملاً إزالة السلالة الحشمونيّة واعادة الحكم الكهنوتي: ففقد الحشمونيّين في آنٍ معاً الدعم السلوقي والدعم الشعبي.

 

تحت الحكم الروماني

فضّلت روما هركانوس الثاني على أرسطوبولس لأنّه كان ضعيفاً ينقاد لها بسهولة، فجعلت منه حاكماً ورئيس كهنة وضُمن لليهود حقّ العبادة، وأعفيت أماكن العبادة من الضرائب ليس في أورشليم وحسب إنّما في كلّ الأمبراطوريّة الرومانيّة. وفي هذه الأثناء كان نفوذ أنتيباتر يضحي أكثر قوّة في فلسطين إذ أصبح مستشار هركانوس، ثم بالإتّفاق مع يوليوس قيصر أصبح ممثّل الإمبراطور.  أشرك ابنيه في الحكم فولّى فسائيل على اليهوديّة وهيرودس على الجليل.

بعد مقتل يوليوس قيصر تولّى أنطونيوس حكم القسم الشرقي من الأمبراطوريّة وسكن في الإسكندرية.  في هذه الأثناء قُتل أنتيباتر وخلفه إبناه، وبقي هركانوس حاكماً وعظيماً للكهنة الى أن ظهر مجدّداً انتيغونس إبن أرسطوبولس الثاني، فأسر فسائيل وهركانس، قتل الأوّل نفسه وقطع إنتيغونوس أذني هركانس عمّه لكيما يضحي غيرَ أهلٍ لتقلّد وظيفة عظيم الكهنة وهكذا أصبح هو عظيم الكهنة لثلاث سنين.  بقي هيرودس وحده، فالتجأ الى روما طالباً المعونة ضدّ الفرتيّين وإنتيغونوس، فعيّنته روما ملكاً على اليهود، وعاد فانتزع الأرض من الفرتييّن وأُخذ أنتيغونوس أسيراً ثم أعدمه ومعه انتهت رسمياً سلالة المكابيّين الحشمونية.

كان هيرودس قاسياً وسياسياً ماهراً يعرف الإنتقال بسهولة من جهة الخاسر الى جهة الرابح، وبعد خسارة أنطونيوس حليفه أمام أوكتافيانوس، إنتقل الى جهة الرابح وعُيّن مجدّداً ملكاً على اليهود.

لدوافع سياسيّة تزّوج هيرودس من مريمنه، سليلة العائلة الحشمونيّة، ليقوّي مركزه تجاه اليهود، وحين خاف من أن يعيد الحياة الى السلالة الحشمونيّة قتل زوجته مع ابنيه الّذين أنجبهما منها وترك الأكبر أنتيباتر، ثم عاد وقتله قبل أن يموت بفترة وجيزة.  هذا الخوف المرَضيّ على مركزه قد أشار اليه متّى من خلال قصّة قتل أطفال بيت لحم (مت 2،16).  قام ببناء أبنيّة جميلة في فلسطين، وبنى مدن سبسطية وقيصريّة، وحصّن المدن، وبنى قصره الصيفيّ في أريحا، وأهم أعماله هو هيكل أورشليم الذي بقى منه الى يومنا هذا الحائط الغربي أو حائط المبكى.

رغم هذا كلّه بقي غريباً بالنسبة لليهود، وكانوا يطيعونه قسراً، وكان الفريسيّون ذوو النفوذ القوي هم الذين يكبحون الشعب من الثورة عليه.  في نهاية أيّامه وُلد في فلسطين يوحنّا المعمدان ويسوع الناصريّ.

قبيل موته قتل أبنائه الحشمونيّين وقسّم الملك بين أولاده الثلاثة: أرخلاوس على اليهوديّة والسامرة وبلاد أدوم، وهيرودس أنتيباس على الجليل و بيرية في عبر الأردن وفيليبّس على عبر الأردن الشمالي.

كان أرخلاوس شديد القساوة فاشتكى عليه الشعب لدى روما فعُزِل ونُفي وأُوكلت المنطقة التي كان يملك عليها الى حاكم روماني أمر بإقامة إحصاء حال تسلّمه الحكم.  في أيّام المسيح تولّى الحكم بنطيوس بيلاطس (26- 36 ب.م.).

يروي المؤرّخ اليهودي فيلون الإسكندري أن حكم بنطيوس بيلاطس كان مملوءاً فساداً ورشوةً وعنفاً وخطفاً وإهانات، مع الكثير من أحكام الإعدام ووحشية لا تُحتَمل (Leg. Gai. 302).

لم يكن يراعي مشاعر اليهود فأدخل الى أورشليم شعارات إكرام للإمبراطور، وأبعدها حين شعر أن الثورة كادت تحصل.  حين أراد بعض الحجّاج تقديم ذبائح في أورشليم، قتلهم كلّهم (لو 13،1) وكان يقتل كلّ من يظنّه مصدر خطر (را مر 15،7)، ولم يكن يجد صعوبة في قتل متّهم إرضاءً للسلطة الدينية، تماماً كما حصل مع يسوع.

هيرودس أنتيباس: حكم الجليل من 4 ق.م. الى 39 ب.م.، تزوّج من إبنة ملك الأنباط، ثم عاد فتزوّج هيروديّة، زوجة إخيه، بخلاف الشريعة (لا 18، 16؛ 20، 21) وطرد زوجته الأولى.  هيرودية كانت حفيدة هيرودس الكبير ومريمنه الحشمونيّة، وإبنة إريسطوبولوس الذي قتله هيرودس.  من هذا الزواج وُلدت سالومي.  قُتل المعمدان بسبب معارضته لهذا الزواج.   قام ملك الأنباط بحرب ضدّ هيرودس أنتيباس إنتقاماً لإبنته وألحق به خسائر فادحة.  هذه الخسارة رآها اليهود عقاباً إلهياً بسبب قتله ليوحنّا المعمدان، كما يروي فلافيوس يوسيفوس (Ant 18, 116-119).

بناء على نصيحة زوجته التمس إنتيباس من القيصر لقب الجلالة الملكيّة، فشكّ القيصر عندها في نواياه ونفاه الى بلاد الغال.

أمّا فيليبّس فقد حكم منطقة عبر الأردن ذات الأغلبية غير اليهوديّة، بني فيصريّة فيليبّي وسبك أول عملة يهوديّة تحمل صورة قيصر، ومات عام 34 دون وريث.

خلف أغريبا، حفيدُ هيرودس الكبير، عمَّه فيليبّس وحكم مكان أنتيباس المنفي، ثم وُسّعت صلاحياته لتطال ادوم واليهوديّة والسامرة، فتوحّدت من جديد المملكة التي انقسمت بموت هيرودس.  إستمال السلطات اليهوديّة من خلال الظهور أمامهم بمظهر اليهودي التقيّ، ولإرضائهم إضطهد الكنيسة الناشئة وقتل يعقوب إبن زبدى (راجع أع 12).

بعد موت أنتيباس إستلم المنطقة ولاة رومانييّن ومارسوا سلطتهم بقسوة وفساد فقامت ثورة السيخاريّين (أي حاملي السكاكين)، والغيورين وقسم عظيم من اليهود.  في نهايه هذه الفترة قُتل يعقوب أخو الربّ (عام 62) بعد أن حكم عليه حنّان الثاني.  بعدها بعامين، إثر حرق روما الذي حصل في تمّوز ال 64، قام الإضطهاد على المسيحييّن وقُتل بطرس وبولس.  مع نهاية القرن السابع غابت الشخصيات الهامّة كلّها وبدأت الفترة التي نسمّيها ما بعد الرسوليّة.  دعيت القوّات الرومانيّة لمكافحة الثورة فتمكّن فسبسيانوس من إخمادها الى حين.

بعد إنتحار نيرون أعلن الجيش فسبسيانوس أمبراطوراً، فانتقل من اليهوديّة الى روما واستلم مكانه ابنه طيطس، فدخل أورشليم ودمّر الهيكل.  خلف دوميتيانوس أباه فسباسيانوس وكان عهده عهداً طويلاً من الإضطهاد القاسي ضد كلّ معتنق لليهودية والمسيحيّة.

في هذه الفترة بدأت الكنيسة تنتشر خارج أورشليم: إنطاكيا، أفسس وروما، وبدأ عدد المسيحيين الآتين من الوثنية يزداد، وبدأ الشرخ يتوسّع بين المسيحييّن واليهود حتى بدأ هؤلاء يضطهدون المسيحيّين (مت 17، 17؛ 23، 34).

بعد سلالة فسبسيانوس قام أمبراطور آخر، ترايانوس، ومن بعده أدريانوس، ومعهم بدأ إضطهاد مسيحيّي آسيا الصغرى.  مارس هذا الأخير أعمال قمع ضدّ اليهود ومنعهم من الإختتان، إنّما حين أراد بناء هيكل لجوبيتر على موقع الهيكل، قام شمعون ابن كوكبا بالثورة اليهوديّة، ثورة أخمدها الرومان بعنف، قُتل أثنائها شمعون، ومُنع اليهود من دخول أورشليم تحت طائلة الموت.  بنيت على أنقاض المدينة مدينة أخرى حديثة دُعيت Aelia Capitolina.  وهكذا استلم قيادة كنيسة أورشليم أشخاص كانوا من غير اليهود.