عظات
١٦‏/١٠‏/٢٠١٦ زمن الدنح | الأب بيار نجم ر.م.م

الأحد الرابع بعد الدنح

عند بئر يعقوب: المسيح عروس الكنيسة 

بئر يعقوب: إن البئر في الشرق الأوسط، ولا سيّما في الأماكن القاحلة هو مكان للإلتقاء، ويقول عنه اوريجانوس في عظته حول سفر التكوين أنّه مكان إلتقاء العشيقين. إن كان الشاب يريد أن يلتقي حبيبته كان يذهب الى البئر لأن الفتيات كنّ يقمن بالإستقاء كل يوم، عند العصر، حين تخف وطأة الحر. فنجد في سفر التكوين مثلا أن خادم ابراهيم ذهب الى البئر يفتّش عن عروس لابنة معلّمه (تك 24/11: فأناخ الجمال خارج المدينة، بالقرب من بئر الماء، عند المساء، وقت خروج المستقيات، وقال: "أيها الرب، إله سيدي إبراهيم، يسّر لي اليوم وآصنع رحمة إلى سيدي إبراهيم، هاءنذا واقف بالقرب من عين الماء، وبنات أهل المدينة خارجات ليستقين ماء"). وفي سفر التكوين أيضاً (29/ 1-14) نجد قصة لقاء يعقوب وراحيل على البئر عينها. يومها صار اسم هذه البئر، بئر يعقوب. يعقوب سوف يصبح اسمه فيما بعد اسرائيل،و وهذه البئر التي يلتقي فيها المسيح بالسامرّية هي البئر التي خطب الله فيها إسرائيل عروسته. هي رمز للعهد القديم، بئر الآباء ومكان عرسهم وإتحادهم بالنساء اللواتي سوف تعطين نسل إسرائيل. 

(يو 4 /5-7، 9-26)

فَأَتَى إِلى مَدِينَةٍ مِنَ السَّامِرَةِ يُقَالُ لَهَا سُوخَار، عَلى مَقْرُبَةٍ مِنَ الأَرْضِ الَّتِي أَعْطَاهَا يَعْقُوبُ لابْنِهِ يُوسُف، وفِيها نَبْعُ يَعْقُوب. وكَانَ يَسُوعُ قَدْ تَعِبَ مِنَ الـمَسِير، فَجَلَسَ عِنْدَ النَّبْع، وكَانَتِ السَّاعَةُ نَحْوَ الظُّهْر. وجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ السَّامِرَةِ لِتَسْتَقِيَ مَاء،  فقَالَ لَهَا يَسُوع: "أَعْطينِي لأَشْرَب"؛ فقَالَتْ لَهُ الـمَرْأَةُ السَّامِريَّة: "كَيْفَ تَطْلُبُ مِنِّي أَنْ تَشْرَب، وأَنْتَ يَهُودِيّ، وأَنَا امْرَأَةٌ سَامِرِيَّة؟". قَالَتْ هـذَا، لأَنَّ اليَهُودَ لا يُخَالِطُونَ السَّامِريِّين. أَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهَا: "لَو كُنْتِ تَعْرِفِينَ عَطِيَّةَ الله، ومَنِ القَائِلُ لَكِ: أَعْطينِي لأَشْرَب، لَطَلَبْتِ أَنْتِ مِنْهُ فَأَعْطَاكِ مَاءً حَيًّا". قَالَتْ لَهُ الـمَرْأَة: "يَا سَيِّد، لا دَلْوَ مَعَكَ، والبِئْرُ عَمِيقَة، فَمِنْ أَيْنَ لَكَ الـمَاءُ الـحَيّ؟ هَلْ أَنْتَ أَعْظَمُ مِنْ أَبِينَا يَعْقُوب، الَّذي أَعْطَانَا هـذِهِ البِئْر، ومِنْهَا شَرِبَ هُوَ وبَنُوهُ ومَاشِيَتُهُ؟". أَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهَا: "كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هـذَا الـمَاءِ يَعْطَشُ مِنْ جَدِيد. أَمَّا مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الـمَاءِ الَّذي أُعْطِيهِ أَنَا إِيَّاه، فَلَنْ يَعْطَشَ إِلى الأَبَد، بَلِ الـمَاءُ الَّذي أُعْطِيهِ إِيَّاهُ يَصِيرُ فيهِ نَبْعَ مَاءٍ يَتَفَجَّرُ حَيَاةً أَبَدِيَّة". قَالَتْ لَهُ الـمَرْأَة: "يَا سَيِّد، أَعْطِنِي هـذَا الـمَاء، حَتَّى لا أَعْطَش، ولا أَعُودَ إِلى هُنَا لأَسْتَقِي". قَالَ لَهَا: "إِذْهَبِي، وادْعِي زَوْجَكِ، وعُودِي إِلى هُنَا". أَجَابَتِ الـمَرْأَةُ وقَالَتْ لَهُ: "لا زَوْجَ لِي". قَالَ لَهَا يَسُوع: "حَسَنًا قُلْتِ: لا زَوْجَ لِي. فَقَدْ كَانَ لَكِ خَمْسَةُ أَزْوَاج، والَّذي لَكِ الآنَ لَيْسَ هُوَ زَوْجَكِ. صَدَقْتِ في مَا قُلْتِ". قَالَتْ لَهُ الـمَرْأَة: "يَا سَيِّد، أَرَى أَنَّكَ نَبِيّ. آبَاؤُنَا سَجَدُوا في هـذَا الـجَبَل، وأَنْتُم تَقُولُون: إِنَّ الـمَكَانَ الَّذي فَيهِ يَجِبُ السُّجُودُ هُوَ في أُورَشَلِيم". قَالَ لَهَا يَسُوع: "صَدِّقِينِي، يَا امْرَأَة. تَأْتِي سَاعَةٌ، فِيهَا تَسْجُدُونَ لِلآب، لا في هـذَا الـجَبَل، ولا في أُورَشَلِيم. أَنْتُم تَسْجُدُونَ لِمَا لا تَعْلَمُون، ونَحْنُ نَسْجُدُ لِمَا نَعْلَم، لأَنَّ الخَلاصَ هُوَ مِنَ اليَهُود. ولـكِنْ تَأْتِي سَاعَة، وهِيَ الآن، فِيهَا السَّاجِدُونَ الـحَقِيقِيُّونَ يَسْجُدُونَ لِلآبِ بِالرُّوحِ والـحَقّ. فَعَلى مِثَالِ هـؤُلاءِ يُريدُ الآبُ السَّاجِدينَ لَهُ. أَللهُ رُوح، وعَلى السَّاجِدِينَ لَهُ أَنْ يَسْجُدُوا بِالرُّوحِ والـحَقّ". قَالَتْ لَهُ الـمَرْأَة: "أَنَا أَعْلَمُ أَنَّ مَشِيحَا، أَيِ الـمَسِيح، آتٍ؛ وعِنْدَمَا يَأْتِي فَهُوَ يُخْبِرُنَا بِكُلِّ شَيء". قَالَ لَهَا يَسُوع: "أَنَا هُوَ، أَنَا الـمُتَكَلِّمُ مَعَكِ".

وكانَ يسوعُ قد تَعِبَ مِنَ المَسير، فَجَلَسَ دونَ تَكَلُّفٍ على حافَةِ البِئر:

ما قاله يوحنا في إنجيله لا يقدر أن يعبّر عنه مترجم النص الى العربية: النصّ اليوناني قد يعني جلس قرب البئر، إنما قد يعني أيضاً جلس فوق البئر، جلس على البئر. يوحن يستعمل الرمزيّة، وانتباهنا لهذا البعد هو أمر أساسيّ في سبيل فهم الإنجيل الرابع، علينا أن نقرأ لا النصّ فحسب، بل خاصة ما يقف وراء كل كلمة يستعملها الإنجيليّ. فماذا يعني قول يوحنا المبهم: حلّ قرب/فوق البئر؟ يسوع يجلس فوق بئر يعقوب، المكان الأول الذي بدأ فيه الله بتتميم وعده لإبراهيم بأن يكون نسله كنجوم السماء. يسوع يحلّ مكان البئر، يصبح هو الينبوع نفسه، ويُعلن نفسه للسامرية أنه نبع الماء الحيّ وليس فقط معطي الماء. 

 

وكانَتِ الساعةُ تُقارِبُ الظُّهر: هي أيضاً رمزية تخفي معنيين:

- ساعة أنتصاف النهار، يسوع فوق النبع والشمس فوقه، ليقول يوحنا أن حتى ظلّ يسوع لا يخرج خارج النبع، هو النبع الوحيد للماء الحيّ. 

ساعة اشتداد الحرّ، ويسوع يعطش. عبارة:”أنا عطشان" سوف يلفظها يسوع على الصليب (يو 19/ 28)، حيث يصبح من جديد بئر ماء الحياة التي تخرج من جنبه. ولكن إن كان المسيح يقول عن نفسه أنه هو الماء الحي فلماذا يعطش؟ هو عطشه الى إعطاء الحب وتتميم الخلاص. إن كان الماء الحي هو المسيح، والمسيح والآب واحد، وطبيعة الله حبّ، والحب لا يرتوي إلا عندما يعطي، نفهم أنّ عطش المسيح هو الى أن يحب الى أقصى حدود الحبّ، "وما من حب أعظم من أن يبذل الإنسان نفسه عن أحبّائه”. 

- ساعة اشتداد الحرّ، ويسوع يعطش. عبارة:”أنا عطشان" سوف يلفظها يسوع على الصليب (يو 19/ 28)، حيث يصبح من جديد بئر ماء الحياة التي تخرج من جنبه. ولكن إن كان المسيح يقول عن نفسه أنه هو الماء الحي فلماذا يعطش؟ هو عطشه الى إعطاء الحب وتتميم الخلاص. إن كان الماء الحي هو المسيح، والمسيح والآب واحد، وطبيعة الله حبّ، والحب لا يرتوي إلا عندما يعطي، نفهم أنّ عطش المسيح هو الى أن يحب الى أقصى حدود الحبّ، "وما من حب أعظم من أن يبذل الإنسان نفسه عن أحبّائه”. 

 

فجاءَتِ امرَأَةٌ مِنَ السَّامِرَةِ تَستَقي، فقالَ لَها يسوع: "اِسْقيني". 

لقد قاد الحب يسوع العروس الى عروسته الغريبة، المكروهة، المستبعدة والمحتقرة. إمرأة سامرية لا علاقة لها بإسرائيل، يسوع يناديها، يحطّم القيود العرقيّة والعنصريّة، الإجتماعيّة والثقافيّة، الطبقيّة والعقائديّة. يذهب يستعطي منها الماء، يصبح إلهاً متسوّلا، يتسوّل حبّ إنسان خاطئ، وينتظر الماء، ماء الحب يبادله إيّاه الإنسان. 

 

"اِسْقيني": 

هي صرخة الله للإنسانية، دعوة الى الدخول في علاقة حبّ مع الله. المسيح- الكاهن يدعو الكنيسة- السامرية، الكنيسة المتألمة، الخاطئة، المتّهمة، المضطهدة والمهمّشة، يقول لها: "اِسْقيني". المسيح يدعو الكنيسة لأن تعطي الله ما يعطيها إياه هو بملئه. المسيح يطلب من السامرية أن تعطيه ما تملك: ماء كُلُّ مَن يَشرَبُ مِنه يَعطَشُ ثانِيَةً ويعطيها بالمقابل ماء لَن يَعطَشَ أَبداً الَّذي يَشرَبُ منه، بل يصيرُ فيه عَينَ ماءٍ يَتفَجَّرُ حَياةً أَبَديَّة. المسيح يطلب من بشريّتنا ما يمكنها أن تقدّمه، فيحوّل هو هذه العطية من حقيقة أرضيّة مائتة الى حقيقة خلاصيّة. يطلب منّا المخاطرة معه وإعطاءه ما نملك، نسمعه ينادينا:”إسقني"، إي إعطني إمكانياتك ولا تخف من حقارتها، فأنا أحبّها وأبدّلها. 

المسيح يطلب قدرتنا ليعمل بنا، لا يغتصب حريتنا، يطلب إمكانياتنا المـُحتقرة من الآخرين وحتى منّا أنفسنا أحياناً، يطلب ثقافتنا السامريّة، وحقيقتنا الزانية، وطبقتنا المهمّشة، ليعطينا قدرته الكاملة، وحقيقته الإلهية، وطبقته وقدرته، تماماً كما طلب من السامرية أن تبادله الماء العابر وتأخذ منه الحياة بملئها. 

هو أخذ المبادرة، وإتجه إليها، قد كسر التقاليد مرّتين: تكلّم مع إمرأة وحيدة فتشكك التلاميذ، وتكلّم مع سامرية فدُهشت السامرية من يهوديّ لا يخاف أن يدنّسه اقترابه منها! لقدإنطلق هو نحوها، هي لم تُفتّش عنه. 

نحن مدعوون أيضاً أن نكون على صورة المسيح الكاهن العروس الذي ينادي عروسه الكنيسة بإسمها، يقول لها أنا عطشان، ينطلق هو للتفتيش عنها وجعلها له وحده. 

ككهنة نحن مسحاء آخرون، نفتش عن الكنيسة، نحبها، نطلب منها ماء الحب، ننطلق اليها ولا ننتظرها، نذهب لنبذل ذاتنا من أجلها لتصبح بكاملها للمسيح. الإنطلاق هذا يعني أن ننطلق كالمسيح، مرسلين من الآب، ولذلك فإن إنطلاقنا الى الآخر، الى الكنيسة، هو فعل إيمان بالله الآب الذي يرسلنا، هو إيمان بالإبن الذي نضحي صورته أمام الكنيسة، وبالروح القدس الذي يهبنا إياه المسيح وديعة نعطيها للكنيسة فلا تعود تعطش أبداً. 

المسيح دخل في علاقة حوار مع السامرية، طلب منها المساعدة، تسوّل منها الماء رغم إمتلاكه الماء الحي: الدخول بعلاقة حب مع الكنيسة تعني الدخول بعلاقة حب مع شعب الله، إي أن أبني علاقة تعكس وجه المسيح مع كل واحد من أبناء الكنيسة. المسيح دخل في حوار مع السامرية فحوّل حياتها، لم ينطلق اليها بصورة المسيح الذي دخل الهيكل ليطرد الباعة، ذهب اليها من النّد الى ندّه فحوّل حياتها. خدمتي الكهنوتية تعني أيضاً قدرتي على محبة العالم، ورؤية جمال العالم والدخول في حوار معه دون خوف منه، لأجذبه نحو المسيح كما اقترب المسيح من السامريّة دون خوف وجذبها نحو الآب. 

كما لا يمكن لمعموديّتي و لدعوتي الكهنوتية أن تلتقي مع نظرتي الفوقيّة الى الكنيسة: المسيح ليس فقط إبن مملكة الجنوب، مملكة يهوذا، إنما هو المسيح المنتظر، لم يذهب ليؤنّب إبنة الشمال الوثنية والسامرة المرذولة، ذهب ابن داود نحو ابنة السامرة وقدّر الماء القليل الذي تملكه، وطلبه منها. لا يمكن لكهنوتنا أن يصبح وسيلة احتقار للكنيسة التي هي مصدر كهنوتنا وغايت. لا نخف أن نطلب من شعب الله أن يعطينا ماء في حرّ وحدتنا، لا نهرب من الشعب الذي دعينا لندخل معه في علاقة حب وفداء. 

 

يا ربّ، أَعطِني هذا الماء، لِكَي لا أَعطَشَ فأَعودَ إِلى الاستِقاءِ:

المرأة تطلب الماء، ليس لأنها آمنت، بل لأنها تسعى الى راحتها. الهدف كلّه هو عدم العودة الى الإستقاء. لم تصل بعد الى مرحلة التتلمذ، ما زالت الإنسان المفتّش عن مصلحته، عن راحته، صورة الإنسان الّذي يدخل في علاقة تجارة مع الله: أعطيك صلاتي، فتعطيني الصحة، أو الشفاء، أو الحماية... لم تصل بعد الى مرحلة الحبّ، ما زالت تفتّش عن راحتها.

ولكنّها أيضاً صورة لكنيستنا المتعبة من الإستقاء من الآبار المشقّقة، تسعى الى الإرتواء من مياه تدوم. إنها كنيستنا المتعبة لأن مياه البشر لا ترويها بل تزيدها ظمأ.

- مياه اللذة: يرى أبناؤنا اليوم في اللذة سبيلاً الى إرواء هذا العطش فلا ينجحون: الجنـس، المخدّرات، القمار... يسعون الى إيجاد طريقة للإرتواء فلا يفلحون، تماماً مثل السامرية التي لم تقدر أن تسدّ فراغها الكياني ولا حتى بخمسة أزواج، فأطلقت نحو يسوع صرخة إستغاثة.

- مياه فخر العالم: مياه المظاهر والثروات والشهرة، يسعى ابناء عروس المسيح لمجد العالم علّهم يرتوون، فلا ينجحون.

 

فقالَ لَها: اِذهَبي فَادْعي زَوجَكِ، وارجِعي إِلى ههُنا

السامرية طلبت الماء، والرب طلب منها إحضار زوجها، لماذا؟ لأن الزوج هو من يؤمّن حاجات الزوجة، ويبذل نفسه من أجلها. رمزية جديدة يستعملها يوحنّا تجد جذورها في العهـد القديم، نجده مثلاً للدلالة لا للحصر في حزقيال "ولم تَكوني كالزَّانِيَةِ الَّتي تَسْعى وَراءَ الأُجرَة، بل كالمَرأةِ الفاسِقَةِ الَّتي تَأخُذُ أَجانِبَ مَكانَ رَجُلِها" (حز 16/31- 32).

 

الأزواج الخمسة والغريب السادس:

الأزواج الخمسة هم الألهة الخمسة الغريبة الذين لقيوا العبادة في السامرة:

1- كانت السامرة من البداية مدينة وثنية وبنى فيها آحاب الملك هيكلاً للبعل (1 ملوك 16: 32) ثم جلس أنبياء عشتروت أو أشيرة على مائدة الملكة إيزابل ( 1 ملوك 18: 19)

2- آلهة آرام التي اجتاحت أصنامها المدينة حين بنى ملك آرام أسواقاً في السامرة (1 ملوك 20: 34)

3-آلهة الأشوريّين التي عبدها السامريّون بعد أن هاجم شلمنأَصر ملك أشور مدينة السامرة( 2 ملوك 17: 3 - 6 ) وتغلب عليها في عام 720 على يد خلفه سرجون.

4- آصنام الآلهة اليونانيّة عبدها السامريّون وفي عام 332 ق.م. بعد أن استولى الإسكندر المقدونيّ على المدينة.

5- الآلهة الرومانيّة التي رقص أمامها السامريّون بعد أن احتلّ الرومان السامرة وعبدوا فيها آلهتهم. هي الأزواج الخمسة للسامرة، التي خانت بها عهد الله.

 

والسادس ليس زوجها: هو الله إله إسرائيل الذي يقدّم له السامريّون الذبائح على جبل جرازيم، وعلاقتهم به ليس علاقة الشعب الوفيّ بالله الزوج، إنما هي علاقة مساكنة، عدم التزام، علاقة قائمة على سدّ الحاجات دون التزام بعهد الحب الزوجيّ، وبالتالي صارت حياة السامرية الخاصة تتطابق مع تاريخ شعبها.

 

العروس السابع:

ها هو المسيح يأتي الى هذه المرأة كالعروس السابع، والسابع هو رقم الخلق والكمال، هو المسيح العروس الذي جاء يدخل مع الجماعة الخاطئة بعلاقة حب زوجيّ رغم تاريخ بشريّتنا وماضيها، جاء يجدد الخلق الذي تمّ في الأصل في سبعة أيام. 

بقوله اِذهَبي فَادْعي زَوجَكِ، وارجِعي إِلى ههُنا يضع المسيح الإمرأة أمام واقعها، تكتشف أن ليس لها زوج، ليس لها من يحبّها ويبذل نفسه من أجلها. أزواجها الخمسة كلهم تركوها، والسادس ليس زوجها، فهي لم تكن وفيّة له بل إختارت أن تكون حرّة في علاقتها معه، ترتبط به ساعة تحتاجه. المسيح الكاهن جاء يبذل نفسه عن هذه الجماعة المتألمة ذات التاريخ المملوء خيانة وخطيئة. 

كلّ مسيحيّ معمّد، وكلّ كاهن مدعوّ، هو مُرسل من الله مسيحاً آخر، مُرسَل من الله ليكمل عهد الزواج الذي تمّ بين المسيح والكنيسة على الصليب.

هو رسول المغفرة، يحب ولا يحاكم، يدخل في علاقة حب مع شعب الله المتعب من السير وراء آلهة العالم والمادة، يترك واحداً ليرتبط بآخر أسوأ منه.

هو المسيح الآخر الذي أبطل حالة المساكنة التي أرادت الجماعة أن تحياها في علاقتها بالله دون الإلتزام بعهد أبدي.

هو المسيح الآخر الذي جاء يحمل لعروسة المسيح الماء الحيّ، ماء الروح القدس الذي يعطي به الآب الرّوح بواسطة الإبن.

 

ونحن؟

أي علاقة نحياها نحن مع كنيسة المسيح: أعلاقة "زنى"، أي أني أشبع رغباتي وتطلّعاتي ووصوليتي بكلّ أشكالها من خلال علاقتي بشعب الله المؤمن؟ أم هي علاقة مساكنة: أحيا خائفاً من إلتزام أبدي، تكون معموديّتي مجرّد حدث تمّ في الماضيّ، ويكون كهنوتي كهنوت مساكنة، دون التزام بالكنيسة، أعمل من أجلها ساعة أحتاجها أو ساعة أرغب في العمل؟ أم هي علاقة زواج بين المعمّد والكاهن وبين عروسالمسيح: الكنيسة، علاقة خلق من جديد، علاقة اليوم السابع الذي يتجدد فيه كل شئ.